وقصارى ما سلف
ـ إنكم إذا تأملتم الحكم المنبثة فى السموات والأرض آمنتم بوحدة خالقها وقدرته ،
فإذا ازددتم علما ، ازداد تثبتكم وفهمكم ، فصرتم موقنين بها لأن الإيقان يكون
بتوافر الأدلة وتكاثرها ، ومتى أيقنتم بجمال هذا الكون وحسن نظامه أصبحتم من ذوى
العقول الناضجة ، والأفكار النافذة فى أسرار هذا الكون وبديع صنعه ، فتستطيعون أن
تنتفعوا بما فيه وتسخروه لمنافعكم فى هذه الحياة المليئة بالمطالب.
وإجمال ذلك ـ إن
أول المراتب الإيمان بالله ، فإذا ازداد المرء علما وحكمة وبحثا فى دقائق الأشياء
وعظائمها أصبح موقنا به ، وكلما ازداد بحثا ازداد عقله دراية وفهما لأسرار هذا
الكون ، فسخره لمنافعه ، واستفاد من نظمه التي وجد عليها وعرف أنه لم يخلق عبثا ،
بل خلق للانتفاع بما فى ظاهره وباطنه ، علويّه وسفليه ، أرضه وسمائه ، نوره وظلامه
، فكأنه يقول : إنا أمرناكم بالنظر فى العالم لتؤمنوا ، فإذا ازددتم علما أيقنتم
بي ، وذلك كله مما يربى عقولكم ، ويكملها إلى أقصى حدود طاقتها البشرية.